واشنطن بوست: السعودية ليست صديقة للولايات المتحدة

في مقالٍ لواشنطن بوست في الحادي والعشرين من مايو الماضي، كتب تشارلز كروثامر: «أنت تريد افتراضات؟ أعطيك واحدًا هنا. رئيس المخابرات السعودي السابق، الأمير تركي الفيصل قال: «كنا أفضل صديق للولايات المتحدة في العالم العربي لمدة 50 عامًا.» لاحظ استخدام الفعل الماضي «كنا».

ولكن «أفضل صديق»؟

كما يقول أوسكار وايلد: «الأصدقاء الحقيقيون يطعنونك من الأمام.»

عام 1973، فرضت الدول المنتجة للنفط بقيادة السعودية حظرًا ضد الولايات المتحدة ردًا على الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في حربها في ذلك العام ضد مصر وسوريا.

«أفضل صديق» للولايات المتحدة حرض على مضاعفة سعر النفط حتى أربعة أضعاف، وشاهد رفقاؤنا الجيدون في الشرق الأوسط الطوابير التي امتدت في محطات تعبئة الوقود الأمريكية، وتكاليف الاستهلاك العالية. لم تُظهر الملكية السعودية أي أسف إزاء الضرر الذي لحق بالاقتصاد الأمريكي آنذاك.

ذلك لأن السعوديين سعوا لتعليم الأمريكيين «أفضل أصدقائهم» درسًا، وهو أن بإمكانهم أن يخدعوهم كلما أرادوا.

إدارة الرئيس الأمريكي نيكسون قرأت الرسالة السعودية ومن ثم شرعت في المفاوضات مع الدول المنتجة للنفط التي تقودها السعودية لإنهاء الحصار. مارست الإدارة الأمريكية ضغوطات على إسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان وسيناء.

كان التلاعب في أسعار النفط سلاحًا سعوديًا مفيدًا.

جورج دبليو بوش يعلم ذلك.

مع تخطي أسعار النفط 127 دولار للبرميل في مايو 2008، ناشد الرئيس بوش المملكة العربية السعودية لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار، وهو ما قوبل بالرفض من جانب السعوديين.

ولكن ماذا فعل «أفضل صديق» للولايات المتحدة بهذه الثروة البترولية، والتي تتخطى عائداتها السنوية 116 مليار دولار، على مدى العقود الأربعة الماضية. بجانب الإنفاق المجنون على المطارات والفنادق والطرق والمستشفيات والمدارس والمشاريع المحلية التي تشتد الحاجة إليها والبنية التحتية، وجدت المليارات السعودية طريقها نحو قنوات أخرى.

تشمل هذه القنوات الجمعيات الخيرية الدينية التي تمول شبكات المدارس: المدارس الدينية التي تغذي الفكر الوهابي الذي وضع الأساس لإنشاء تنظيم القاعدة. لم تفعل هذه المليارات سوى القليل لمحو قمع النساء السعوديات وإنهاء التعاليم التي تحرض ضد المسيحيين واليهود.

من أين وصلت الأموال والأسلحة التي ساعدت في خلق طالبان؟ نعم كما تفكر، إنها المملكة.

في الواقع، بعد أن سيطرت طالبان على العاصمة الأفغانية كابول في سبتمبر 1996، كانت المملكة العربية السعودية واحدة من بين ثلاث دول أقامت علاقات دبلوماسية معها. ومع ذلك، تحطمت هذه العلاقات على الصخور في سبتمبر 2001، عندما خلص السعوديون إلى أن طالبان تجذب وتقوم على تدريب المسلمين، بما في ذلك المواطنين السعوديين، “للقيام بأعمال إجرامية” ضد الشريعة الإسلامية.

طوال 50 عامًا، لم يتردد السعوديون في صد الرؤساء الأمريكيين علنًا. قرار اللحظات الأخيرة للعاهل السعودي، الملك سلمان، بالانسحاب من القمة العربية مع الرئيس أوباما في كامب ديفيد لم يكن المشهد الوحيد في هذا المسلسل.

في عام 2001، رفض ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله، الذى اعتلى عرش المملكة فيما بعد والداعم للانتفاضة الفلسطينية، رفض تلبية الدعوة للقاء الرئيس بوش المنتخب حديثًا في مايو 2001، وذلك لاعتقاده بأن الولايات المتحدة لا تبذل جهودًا كافية لمعارضة الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

وبعد بضعة أشهر، أرسل عبد الله رسالة حذر من خلالها بوش قائلًا: «نحن في مفترق طرق. حان الوقت للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية للنظر في مصالحهما بشكل مستقل.»

اليوم، بات السعوديون في بقعة ضيقة، ولكن ليس بسبب الولايات المتحدة. فالصراع الإسلامي المؤرق يعمل على تأليب السعودية السنية ودول الخليج العربي ضد منافسيهم الشيعة في إيران. لا يمكن للولايات المتحدة إنقاذهم من أنفسهم.

ومع ذلك، لا يزال هناك بعض الخير من الابتزاز النفطي السعودي. ابتزاز نبه إلى الضعف الناجم عن الاعتماد على النفط الأجنبي. أجبرت الصدمات النفطية سلسلة من رؤساء الولايات المتحدة، بدءًا من ريتشارد نيكسون، لبدء جهود لرفع مستوى الاقتصاد في استهلاك الوقود، وزيادة تدابير البقاء ومضاعفة تضييق الخناق على مصادر أخرى للطاقة.

الآن، دفع إنتاج النفط الصخري الولايات المتحدة أن تشق طريقها كبلد منتج للنفط، وهو ما يجعلها أقل اعتمادًا على المملكة العربية السعودية مما كانت عليه الأمور في عام 1973.

ولكن ماذا كان رد الفعل من قِبل «الصديق المفضل»؟

ضخَّ السعوديون المزيد من الانتاج النفطي لخفض الأسعار، وللحفاظ على حصتها في السوق، وبالتالي تقويض الولايات المتحدة في تطوير النفط الصخري.

أي صديق لدينا في المملكة العربية السعودية.