الفاشية الأوروبية تحاصر المهاجرين العرب

تواجه أوروبا حالياً مأزقاً كبيراً فيما يتعلق بطوفان المهاجرين غير الشرعيين وعلى الرغم من تصدير «الشو الإعلامي» لتجميل صورة بعض الدول بحسن استقبالها للهاربين من الجحيم في بلادهم، إلا أن عدم وجود خطط واضحة لدى الدولة «المضيفة» يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن حسن الاستقبال ربما يكون «وقتياً» وستنفجر الأزمة فيما بعد في وجه تلك الحكومات.

وتشير الكاتبة «سارة إيلانا» في مقال لها بصحيفة (ذي كريستيان ساينس مونيتور) إلى الدروس والعبر واستقراء السمات من أزمة المهاجرين إلى أوروبا.
وحصرت الكاتبة 5 سمات رئيسية، وهي أنه مهما فعلت الدول الأوروبية من إجراءات للحد من موجات اللاجئين، فإن محاولات المهاجرين للوصول إلى البر الأوروبي لن تتوقف.
وترى معظم دول أوروبا في المهاجرين مشكلة تخص الآخر، فاليونان وإيطاليا هما من تواجهان حشود الواصلين إلى شواطئها أكثر من غيرهما، في الوقت الذي نجد فيه أن ألمانيا والسويد وبريطانيا هي الدول التي يستهدفها المهاجرون.
لقد كشفت هذه الأزمة عورة نظام الهجرة في دول الاتحاد الأوروبي، فنظام استقبال المهاجرين يعتريه الخلل.

وعلى الرغم من أن الأزمة أعلت من نبرة الكراهية حيث شرعت المجر - على سبيل المثال - في بناء جدار حاجز، وأعلنت سلوفاكيا أنها ستقبل بالمهاجرين السوريين المسيحيين دون سواهم من المسلمين، فإنها أظهرت كذلك شهامة ونبل بعض الأوروبيين في الترحاب بالمهاجرين حتى أنهم قدموا لهم المساعدات الإنسانية.
وأكد «ديمتريس أفراموبولوس» مفوض شئون الهجرة في الاتحاد الأوروبي بأن الأسبوع المقبل سيشهد وضع الخطوط العريضة لخطط جديدة لتوزيع اللاجئين في مختلف أنحاء الدول الأوروبية، وترحيل غير المرغوب فيهم.

وقال: إن نظام الاتحاد الأوروبي الجديد لفرز طلبات اللجوء في إيطاليا واليونان وربما المجر قد يتضمن احتجاز المرفوضين إلى حين إعادتهم إلى بلدانهم.
وأشار إلى أن الحكومات الأوروبية تعاني من ضغوط الموازنة بين التزاماتها بتوفير الملاذ للوافدين والعداء الذي يشعر به البعض من أبناء شعوبها تجاه فكرة الهجرة الجماعية.
وقال «أفراموبولوس»: إن المفوضية ستقدم مقترحات جديدة لوزراء الداخلية في اجتماع استثنائي يعقد يوم 14 سبتمبر الجاري بعد 5 أيام من الموعد المتوقع أن يقدم فيه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر خطوطاً عامة للخطط إلى البرلمان الأوروبي خلال خطابه السنوي عن حالة الاتحاد.
ويمثل هذا الجدول الزمني تعجيلاً بمسار الأحداث استجابة للزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين هذا الصيف، في وقت تتجادل الدول الأعضاء بشأن اقتسام العبء.

وقال «أفراموبولوس»: إن مباحثاته مع الحكومات منحته أملاً بأن تتخلى عن اعتراضاتها على نظام لتوزيع طالبي اللجوء اقترحه يونكر في مايو الماضي وسيقدمه الأسبوع المقبل كآلية دائمة للاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن بعض الدول التي كانت معترضة بعض الشيء.. وغيّرت رأيها لأنها أصبحت تدرك الآن أن هذه المشكلة ليست مشكلة دول أخرى بل مشكلتها أيضاً، وأصر على أنه لن يطرأ تغيير على ترتيبات منطقة شنغن التي أزالت كل القيود الحدودية فيما بين دولها رغم النداءات المطالبة بمنع اللاجئين من «استغلالها».

وكشف استطلاع نشرت نتائجه المفوضية الأوروبية، أن موضوع الهجرة غير النظامية احتل المرتبة الأولى في أسباب قلق الأوروبيين، متقدماً على الأزمة الاقتصادية والبطالة.
واعتبر 38% من المشاركين في الاستطلاع أن الهجرة غير النظامية تشكل مصدر القلق الأول للأوروبيين، متقدمة على القلق من الوضع الاقتصادي (27%) والبطالة (24%). وذلك طبقا لاستطلاع الرأي أجري في أواخر مايو الماضي في دول الاتحاد الأوروبي والبلدان المرشحة للانضمام إليه.
وفي استطلاع سابق أجري في نوفمبر الماضي، شكل الوضع الاقتصادي والحصول على فرص العمل والعجز العام؛ القلق الأكبر للمواطنين الأوروبيين، وكان موضوع الهجرة حينها يحتل المرتبة الرابعة، وشكل موضوع الهجرة غير النظامية قلقاً كبيراً في عشرين دولة في الاتحاد الأوروبي، مع نسبة قياسية من 65% في مالطا، و55% في ألمانيا.

وفي إيطاليا - التي يتدفق إليها عشرات الآلاف من المهاجرين - شكلت الهجرة مصدر القلق الرئيس بنسبة 43%، وكذلك في فرنسا شكلت الهجرة مصدر قلق لـ 34% من المشاركين في الاستطلاع، ويعد استطلاع يوروبارومتر الثاني الذي يجري على مستوى دول الاتحاد الأوروبي، ويستند إلى اتصالات فردية شارك فيها 31 ألف شخص.
تأتي الهجرة وسط أزمة اقتصادية في جنوب أوروبا، وهذا يهدد بانعاش الميول الفاشية والعنصرية وكراهية الأجانب، وتتزامن مع التصريحات العنصرية لرئيس وزراء المجر لصحيفة ألمانية لتكشف عن الوجه القبيح للغرب فيما يتعلق بحفلة الاستقبال المصطنعة بعيداً عن تعاطف الشعوب لان الحكومات هي من تضع استراتيجيات مواجهة تلك القضية.

وقال رئيس وزراء المجر: «إن تدفق اللاجئين على أوروبا يهدد بتقويض الجذور المسيحية للقارة، وإن الحكومات يجب أن تضبط حدودها قبل أن تقرر عدد طالبي اللجوء الذين يمكنها استقبالهم».. ويشير إلى أن شعب أوروبا يختلف في الرأي مع معظم الحكومات، بشأن أزمة اللاجئين.. وبالفعل اعتدى يمينيون على المهاجرين، كما أن وجود المهاجرين يزيد من بطالة المواطنين مما يجعلهم كبش فداء، وأيضاً يبعث بعض السياسيين روح الحروب الصليبية والعداء الديني.