كأن انتشار آفة التدخين بمفهومها الأكثر شيوعا لم يكن يكفي، حيث السجائر مختلفة الأنواع والألوان والأضرار تفتك بصحة الشباب والشياب على حد سواء.
فقد لوحظ بين بعض الشباب الكويتي في الآونة الأخيرة ظاهرة تدخين سجائر من نوع اخر يطلق عليها «المدواخ»، وهي طريقة مستحدثة تختلف عن الشيشة والسجائر التقليدية بل حتى السيجارة الالكترونية، حيث هي عبارة عن أنبوب من العاج أو الخشب، يوضع في طرفه تبغ إيراني شديد الحرارة، ويدخن في أقل من دقيقة، وسمي المدواخ لتسببه في دوخة لمن يدخنه كما أن الكثيرين يتعلقون به فيما يشبه الإدمان بشكل سريع حيث انها سريعة الاشتعال والمفعول.
«الأنباء» استطلعت آراء بعض الشباب والبائعين لهذا المدواخ لإلقاء الضوء على كيفية استخدامه وأنواعه من التبغ المستخدم ومدى تأثيره وضرره، وهل بالفعل تم منعه من قبل الجهات المختصة ام لا وفيما يلي التفاصيل:
آلاء خليفة ـ عبدالله صاهود
في البداية، يقول أحمد سكندر أحد باعة المداويخ بمنطقة الرقعي إن المدواخ ظاهرة حديثة طرأت مؤخرا وما زالت في تطور وانتشار، خصوصا بين الشباب، ومنهم من أدمن تدخين المدواخ كبديل للسجائر.
وأضاف انها عادة إماراتية وعمانية قديمة وينتشر في بعض دول الخليج، استوردها الكويتيون حديثا وأشار إلى أن الشباب من مختلف الطبقات الاجتماعية يدخنون باستخدام المدواخ، ويوما عن يوم تزداد نسبة مدخنيه، وانه ليس هناك تشديد للجهات المعنية على منعه.
وكشف ان المدواخ يصنع من الخشب بأنواعه، أو البلاستك، وتختلف أسعاره حيث ان المدواخ الخشبي سعره خمسة دنانير، اما المدواخ المصنوع من الاستيل فقد يصل سعره الى 250 دينارا، اما التبغ «الدوخات» وتبدأ أسعاره من 2 الى 20 دينارا للعلبة الواحدة ويختلف باختلاف المادة التي يصنع منها، وأغلى نوع من المدواخ المصنوع من خشب الصندل، والتبغ الإيراني القوي الذي يسبب شحطة بالحلق.
وذكر أيضا أن التبغ الذي يعبأ داخل المدواخ عبارة عن تبغ صاف دون أي إضافات خارجية، وهذا يجعله قويا رغم أن مدة تدخينه لا تتجاوز 60 ثانية، وأكثر الأنواع طلبا لديه هو المصنوع في الإمارات وهو الأكثر انتشارا في الكويت، كما توجد حاليا شركات عالمية شهيرة مصنعة لتبغ المدواخ، نظرا للطلب الهائل والإقبال عليه في الأسواق المحلية.
من جهته، قال بدر الموسى صاحب احد محلات بيع المداويخ بمنطقة حولي ان المحل يشهد إقبالا يوميا متزايدا على الشراء، والذي يبدأ في المساء، لافتا الى ان «الدوخة» أصبحت بديلا للسجائر والشباب ليس لهم وقتا محددا للشراء وهم يقبلون لشرائها خاصة بكثرة خلال هذه الأيام وبعد الفطور مباشرة.
وكشف الموسى عن أنواع مختلفة من «البايبات» أو ما يسمى محليا «بالمدواخ»، منها ما هو مصنوع من الخشب الخام، أو الخشب الملبس بالجلد، أو من البلاستيك، وكذلك بأشكال جميلة لافتة وألوان مختلفة تتفنن المصانع في عملها، وتبدأ الأسعار من 5 دنانير وحتى 250 دينارا، منها ما يصنع محليا أو يجلب من الهند أو يصنع في الصين، وفيما يتعلق «بالدوخة» أي التبغ، فله أنواع يعرفها أصحاب المزاج جيدا، ولفت الى ان هنالك أنواعا تختلف من حيث «الثقل»، أي كمية «النيكوتين» بداخلها فهنالك أنواع خفيفة وأخرى ثقيلة، تماما كالسجائر أو خلطات «المعسل» الخاصة «بالشيشة»، مضيفا أنها تباع بكميات مختلفة حسب رغبة الزبون بأسعار رخيصة.
رأي الشباب
من جهته، قال احمد العدواني: ان استخدام المدواخ جاء كبديل للسيجارة من قبل البعض حيث يتم استخدامه بشكل كبير مؤخرا بين الشباب، لافتا الى انه يستخدم المدواخ منذ سنة وهو جيد الاستعمال بالرغم من قراءتنا للتحذيرات الطبية من قبل أطباء مجتهدين في مواقع التواصل الاجتماعي، الا اننا لم نر نشرات طبية مؤكدة لمنعه من الاستعمال.
بدوره، قال علي الفضلي ان المدواخ تم انتشاره بكثره خلال هذه الأيام وانا من ضمن مستخدمي هذي الدوخات والتي تتنوع نكهاتها المختلفة حيث انني استغنيت عن التدخين والشيشة وهي بديل ناجح له حيث انني استخدمت الدوخات بكل انواعها وهي بديل ناجح عن التدخين واضاف الفضلي انني اقوم بشراء علبة دوخة واحدة (التبغ) باربعة دنانير وهي تكفي لمده اسبوع.
من جهته، قال مشاري الشمري انني كنت اقوم بتدخين علبتين من السجائر يوميا وبعد استخدام المدواخ تركت السجائر واقوم بتدخين علبة من الدوخة (التبغ) خلال اسبوع فالدوخة اوفر في المال وتقلل من نسبة التدخين خصوصا انها تستمر لمدة خمسة ايام فأكثر.. من جهة اخرى، أوضح محمد العيفان وهو يستعمل المدواخ لمدة سنة كاملة بعد ان كان يدخن السجائر بمعدل علبة واحدة في اليوم قال انه بعد تدخين المدواخ اصبح صحيا وبدنيا افضل من السابق ومن ناحية التبغ فهو افضل من السجائر لانه يوجد منه انواع ونكهات وهي خالية من المواد الحافظة والأخشاب وبها فقط النيكوتين.
أما ناصر بدر فكان ضد تلك الأنواع من المداويخ التي باتت تشكل خطرا على الجميع قائلا اننا لا نعرف كيفية الإقبال على مثل تلك المداويخ وخاصة فئة الشباب، لافتا الى ان فئة الكبار السن من الرجال ما زالوا يدخنون علب السجائر المتعارف عليها بالرغم من مضارها.
واضاف بدر ان المداويخ بكل اشكالها وأنواعها تشكل ضررا على الإنسان وهذا شيء لا يريد توضيح من اي احد وحتى العلب نفسها بها تحذيرات من تدخين السجائر بصورة عامة.
ومن جهته، يضيف بدر البلوي ان التدخين وكل ما يدخل الرئة من أدخنة مضرة، لافتا الى ان الإنسان هو من يريد ان يضر نفسه من خلال الانجراف وراء التقليد لاسيما المدواخ والذي بات بين أيادي الجميع الصغار والكبار لافتا الى انه امر خارج عن نطاق السيطرة.
وبين ان المداويخ بشكل عام بدأت تنتشر حتى بين الأطفال لاسيما أنهم يرون آباءهم وبعض الأمهات من المدخنين يوميا وذلك يعطي انطباعا لهم من خلال تجربتها وهذا الامر واضح للعيان ولا يحتاج اي تفكير او تخمين.
الزايد لـ «الأنباء»: كل وسائل التدخين بوابة كبرى لدخول عالم المخدرات
أوضح مدير مركز الكويت للصحة النفسية د.عادل الزايد في حديث خاص لـ «الأنباء» ان المدواخ وسيلة قديمة لتدخين التبغ ومعروفة في منطقة الخليج، لاسيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، موضحا ان المدواخ ليس وسيلة جديدة لتعاطي التبغ.
وأوضح الزايد انه في السنوات الـ 5 الماضية أصبح المدواخ نوعا من أنواع «الموضة والهبة» بين الشباب، لاسيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبح المدواخ وسيلة لإظهار «الكشخة» بين الشباب.
وتابع: بدأ الشباب في دول الخليج يستخدمون المدواخ بما فيها الكويت كوسيلة لتدخين التبغ، لافتا الى أنه في العام الماضي بدأ ينتشر في دول الخليج بما فيها الكويت استخدام مادة «الكيميكال أو السبايس او الحشيش المصنع» وهو نوع من أنواع المخدرات المصنعة كيميائيا وهو عبارة عن بودرة تشبه التبغ في تحضيرها وشكلها، مشيرا الى ان الشباب الذين يتعاطون الكيميكال وجدوا في المدواخ ميزة وهي ان المكان الذي يوضع فيه التبغ في المدواخ صغير ويناسب عملية تدخين الكيميكال أفضل من وضعها في السجائر ومن هنا استخدم بعض الشباب المدواخ كوسيلة لتعاطي المخدرات.
وأفاد الزايد بأن المدواخ بحد ذاته لا يشجع على تعاطي المخدرات ولكن جميع وسائل التدخين هي بوابة كبرى للدخول في عالم المخدرات وجميع الشباب الذين دخلوا عالم المخدرات سبق ذلك تعاطيهم للتبغ والتدخين ولكن هذا لا يعني ان كل مدخن مدمن مخدرات وانما كل مدمن للمخدرات بدأ مشواره مع تجربة التعاطي من خلال التدخين والمدواخ يدخل ضمن هذا الإطار.
طاهر لـ «الأنباء»: أضرار نفسية وجسدية للمدواخ وتأثيراته مشابهة للإدمان على النيكوتين
قالت أستاذة علم النفس الجنائي بجامعة الكويت د.نعيمة طاهر في تصريح خاص لـ «الأنباء»: ان المدواخ هو أداة تستخدم لحرق التبغ وشفطه عن طريق الفم ليصل الى الرئتين من ثم يصل النيكوتين للمستقبلات بكمية مركزة ولذلك يسبب الدوخة، وهو أداة أشبه بشكلها الى الغليون انما أصغر حجما ويصنع من الخشب وله أشكال كثيرة، أما «الدوخة» فهو التبغ المستخدم و«المضرب» العلبة التي توضع فيها كمية من التبغ تكفي بضعة أيام وتستخدم محفظة لحفظ أدوات التدخين بالإضافة الى الفلاتر.
وذكرت طاهر ان المدواخ انتشر بين الشباب في مدارس قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة وبات أخيرا منتشرا في المملكة العربية السعودية ورغم ان جميع أنواع التبغ مضرة إلا ان المدواخ تحديدا يوصل كمية كبيرة من النيكوتين الى الدماغ في فترة قصيرة جدا وتعتبر تأثيراته مشابهة للإدمان على مادة النيكوتين.
وأكدت طاهر ان جرعة واحدة من المدواخ تحتوي على كمية كبيرة من النيكوتين تعادل 20 سيجارة وتتعدد أضرار تدخين تبغ المدواخ «الدوخة» النفسية والجسدية، حيث إنه نوع من أنواع التبغ فهو يؤثر سلبيا على الدماغ ويصيب المدخن بالسرطان والفشل الكلوي والكبدي، كما يسبب سلسلة من الأمراض الخطيرة أبرزها الإصابة بالأورام الخبيثة خصوصا سرطان اللثة والفم واللسان والرئة والحلق والمعدة، كما يسبب الضعف الجنسي والعقم وتشوه الأجنة ناهيك عن الأمراض النفسية كالإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر المستمرين واحيانا الفشل في الحياة الدراسية والعملية كما يتأثر القلب ويصاب بالذبحة الصدرية وكذلك تتأثر كل من البشرة والشعر والعيون والجهاز العصبي والتنفسي وغالبا ما يؤدي التدخين الى فقدان الشهية.
وشددت طاهر على ان الاقلاع عن تدخين تبغ المدواخ يتبع نفس طريقة الاقلاع عن التدخين ويكون ذلك بطريقتين: اما بالانقطاع المتدرج كان يقلل كمية المدواخ المأخوذة باليوم الواحد الى النصف ثم الربع ثم الامتناع عنها حتى ينقطع كليا عنه الانقطاع المباشر عن التدخين وفي هذه الطريقة يقوم الجسم بالتخلص من النيكوتين خلال 48 ساعة وتبدأ اعراض الانسحاب في الظهور لتبلغ ذروتها خلال ال 72 ساعة الاولى من التوقف ثم تنتهي اعراض الانسحاب خلال اسبوعين من الاقلاع وهي اصعب مرحلة وبعدها على المقلع عن التدخين المحافظة والاستمرار في الاقلاع مع مراعاة الاهتمام بالجانب النفسي واتخاذ بعض الطرق والعلاجات النفسية التي تساعده على الاقلاع من الادمان النفسي على التدخين.
الرميح: التدخين يبدأ بالتقليد وللقدوة دور مهم في منعه
قالت استاذة أصول التربية د.فاطمة الرميح في تصريح خاص لـ «الأنباء»إن عادة التدخين تبدأ منذ سن الطفولة والمراهقة، حيث يرغب الصغار في تقليد الكبار حسب نظريتهم (أن المدخنين يشعرون بالانتعاش وكذا ازدياد القدرة الفكرية لديهم) وهذا اعتقاد خاطئ، وأضافت انه يتم التدخين بالنسبة للأطفال والمراهقين في الأماكن البعيدة عن أفراد العائلة مثلا الأماكن المظلمة وكذلك المدارس وبخاصة دورات المياه.
واشارت إلى أن للتدخين عواقب وخيمة على صحة الإنسان من بينها التسمم المزمن الذي يتلف الدماغ تدريجيا ويؤدي إلى الإرهاق الذهني والصداع والدوخة وضيق التنفس وتسوس الأسنان.
وينصح المراهقين بتجنب مرافقة المدمنين والابتعاد عن الأماكن التي يتم فيها شرب الدخان واستغلال وقت الفراغ في استعمال الإنترنت أو القراءة والمطالعة الحرة إلى جانب الرياضة ومشاهدة بعض البرامج التربوية والثقافية والتسجيل والمشاركة في أحد الأندية من أجل إبراز الموهبة.
وقالت الرميح ان الوالدين قدوة في هذا الجانب لان الأطفال والمراهقين يمارسون عادة التدخين بشكل يكاد يشكل ظاهرة تحتاج إلى وقفة جدية للقضاء عليها والسبب الأول والأخير هو أنهم يشاهدون آباءهم وأمهاتهم يدخنون، لافتة الى ان البيت يتحمل جزءا كبيرا في توجيه الأبناء وحمايتهم من عادة التدخين، فالوالدان القدوة الأولى لأطفالهما.