سايكس بيكو تظهر في سوريا



شهدت مراحل التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا تطورات عديدة، كان أبرزها تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من خطة أميركية بديلة، تقضي بتقسيم البلد الذي تمزقه الحرب منذ 5 أعوام تقريباً في حال فشل الاتفاق.








شهدت مراحل التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا تطورات عديدة، كان أبرزها تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من خطة أميركية بديلة، تقضي بتقسيم البلد الذي تمزقه الحرب منذ 5 أعوام تقريباً في حال فشل الاتفاق.


وكيري لم يكن وحيداً، إذ شاركه وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون وجهة النظر نفسها، مرجحاً أن تعيش سوريا اضطرابات أمنية لفترة طويلة تفضي في نهاية المطاف إلى تقسيمها بين العلويين والدروز والأكراد وغيرهم.

هذا وأعرب نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف البارحة عن أمله في أن يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرة إنشاء جمهورية فدرالية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ الحديث عن تقسيم سوريا ليس بجديد، فسبق أن شملتها اتفاقية “سايكس-بيكو” التي تصادف هذه السنة ذكرى مئويتها الأولى، والتي تقاسمت بموجبها بريطانيا وفرنسا سراً تركة السلطة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

يلفت الخبير الألماني في الدراسات الشرق أوسطية هنر فورتيغ إلى أنّ “صراعات العقود الماضية التي أفضت إلى اتفاقية سايكس-بيكو لم تحل” و”هي تعود إلى الواجهة بشكل متكرر كما لو أنّها تدور في حلقة مفرغة”.

فعلى سبيل المثال، قَمَعَ “أقوى رجال العالم العربي”، ومن بينهم الرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس الليبي معمر القذافي والرئيس العراقي صدام حسين جمهورهم بحجة مواجهة قبضة القوى الإمبريالية خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، فهدأت حركات الاحتجاجات الواسعة آنذاك لتعود إبان ثورات الربيع العربي، بحسب السياسي والاقتصادي طارق عثمان.



ي المقابل، لا يرجح آخرون أن تكون تقسيمات “سايكس- بيكو” التي رسمت الحدود بين العراق وسوريا قبل أن يطيح تنظيم “داعش” بها عبر جمع مناطق عراقية بأخرى سورية وراء الأزمة، ومنهم سارة السرجاني الصحافية في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، التي تؤكد أنّ الأحوال تغيّرت منذ ذلك الحين، فأُسقطت حكومات وتغير ميزان القوى العالمية.

من جهة ثانية، يستشهد منظرو التقسيم في المنطقة بنجاح “اتفاقية دايتون” للسلام في العام 1995، التي أنهت حرباً دامت 3 سنوات ونصف، فبموجبها، قُسمت البوسنة إلى فدراليتين، كرواتيا المسلمة والجمهورية الصربية المسيحية، فيعتبرونها نجاحاً يستحق الاستنساخ في المنطقة.

غير أنّ آخرين ينتقدون ذلك معتبرين أن تقسيم سوريا قد ينقل الصراع الإثني إلى مناطق أخرى كما حدث بين المسلمين والهندوس خلال تقسيم الهند الاستعمارية إلى الهند وباكستان في العام 1947، علماً أنّ هذا التقسيم تلاه صراع دموي بين الباكتسانيين أنفسهم أدى إلى قيام دولة بنغلادش في العام 1971.

أخيراً، وعلى رغم أنّ التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية يُعتبر مسألة صعبة، تؤكد التجارب أنّ تقسيم الشعوب وفقاً لإثنياتهم أو طوائفهم ليس حلاً مناسباً على المدى البعيد.