انبشوا قبر “زهران علوش” لتعرفو أسراره !



صحافي تركي سأل هيثم المالح في احد مقاهي اسطنبول «انتم لستم موجودين على الارض، وتنظرون الى الثورة عبر الشاشات او عبر الصحف، فكيف لكم ان تحكموا سوريا؟».




بعصبية اجاب المالح «نحن موجودون في الناس، في ضمير الناس، بمن فيهم حملة البنادق، ولكن هل تريد ان يحكم سوريا سائق الشاحنة، او بائع الخضار، او راعي المواشي، وحتى الجزار والفرّان وحارس المقبرة ومحضّر الارواح؟».
كان المعارض السوري، وأحد ابرز وجوه «الائتلاف الوطني السوري»، يتحدث عن بعض المهن السابقة لقادة الفصائل المقاتلة.



بعض مثقفي بيروت يلتقون، غالبا بالصدفة، معارضا سوريا كان استاذا للفلسفة، وكان يسخر من برهان غليون، اول رئيس لـ «المجلس الوطني السوري»، الذي طالما ظن انه على رمية حجر من القصر الجمهوري في دمشق بعدما وضع جانبا كل مقالاته وابحاثه حول «وحشية» النظام العالمي الذي نشأ بعد زوال الاتحاد السوفياتي.
الاستاذ المعارض الذي لم يكن ينقصه حس الفكاهة، كان يسخر من «الاكاديمي الباريسي» الذي يختار ملابسه الداخلية من تصميم ايف سان لوران، والذي يريد ان يحكم سوريا بفلسفة اندريه مالرو ( الوضع الانساني).
حتى اذا ما انتخب خالد خوجة رئيسا للائتلاف، كان يقول ان رأيه بهذا الرجل يتبدل بين يوم وآخر. هل يصلح ان يكون رئيس عصابة ام ممثلاً في المسلسلات التركية، ودائما بدور عاشق محطم. اما رياض حجاب فهو «حائط متحرك».
قطعا لم يكن الرجل ليوفر بعض اهل النظام، لا بل ان تعليقاته عليهم كانت من النوع «المتفجر». في احدى المرّات استغرب كيف ان مسؤولا امنيا(سابقا وراحلا) كان يصبغ شعره ليثبت انه «يتقن حتى تعذيب الزمن»، وقال فيه «يتصرف كما لو انه اتيلا الجبار، وحين تحادثه تدرك في الحال انه صورة طبق الاصل عن… غوار الطوشي».
لكل ازمة مهما بلغ مداها التراجيدي وجهها الكوميدي. رعاة المعارضة الان في مأزق. كيف لـ «ثورة» مضى على اندلاعها خمس سنوات ألا تنتج «قائدا ثوريا» واحداً بشخصية زاباتا او ارنستو تشي غيفارا. كل ما انتجته رجل من بلاد القوقاز يدعى ابو عمر الشيشاني، او مشعوذ يدعى ابو محمد الجولاني.






مشكلة بعض العرب الذين احترفوا تصنيع تماثيل الشمع انهم لا يستطيعون ان يقدموا للعالم وجها بارزا على انه من يقود الهيئة الانتقالية في سوريا،او يخوض انتخابات رئاسة الجمهورية بلغة رجل الدولة، ورجل الثورة، لا بلغة رجل الزقاق او رجل القباقيب.
ثمة مسؤول عربي قال لزميل خليجي ان اغتيال زهران علوش كان«صدمة فظيعة لنا». هكذا «قصم النظام ظهر الثورة» بعدما كان قد تم اعداد علوش ليكون الرقم واحد في المرحلة السياسية إن ازفت…
وصفه بالمقدام، والشرس، والسريع البديهة، الذي، بالاضافة الى الكاريزما يمتلك المواصفات القيادية اللازمة في الظروف الراهنة والمقبلة.
بعض الذين يعرفون علوش عن كثب ينزعون عنه اغلب الصفات التي اسبغها عليه المسؤول العربي. شرس، وقاطع طريق، وامي، وقاتل. هذا صحيح، رددها قيادي في فصيل آخر مناهض له ويدعى «ابو قتيبة الجزراوي»، ناصحا العرب الذين ذرفوا عليه الدموع بأن ينبشوا قبره ويبعثوا برفاته الى مفاوضات جنيف.
عشية وصول قاذفات السوخوي الى سوريا، كان ثمة نائب لبناني يمثل منطقة تتداخل مع الارض السورية، يبلغ الصحافيين منتشيا بأن كل الحديث عن جنيف-1 وعن جنيف-2 لا جدوى منه لانه بمثابة «ترّهات سياسية». احداث الاسابيع القليلة المقبلة ستشهد نزوح كبار اهل النظام في دمشق الى لبنان.
كان يذهب بعيدا في السخرية الى حد القول ان مخيمات كثيرة ستخلو من قاطنيها، وستكون جاهزة لاستضافة لاجئين بخمسة نجوم…
الدخول الروسي احدث تغييرا دراماتيكيا ليس في المسار الميداني فحسب،بل انه ارسى خريطة جديدة للارض، وحيث بدت الفصائل المسلحة في شتى المناطق وكأنها داخل معسكرات مقفلة بعدما قطعت القاذفات كل الخطوط اللوجيستية التي كانت تشكل شبكة شديدة الترابط وشديدة التأثير.
مفاوضات جنيف اذا ما انعقدت. المشهدية العسكرية مختلفة تماما وستنعكس، حتما،على مسار التسوية. ثمة ديبلوماسي روسي في دمشق اكد ان سيرغي لافروف مازح جون كيري سائلا «ما رأيك اذا كان النظام هو الهيئة الانتقالية؟». لا ندري ما كان تعليق الوزير الاميركي. لعله قال لنظيره الروسي «إياك ان تقصد لعشر سنوات على الاقل»!